الى كافة القوى السياسيه والدينية اليمنية المتصارعة

لأنني أؤمن أن الوقت قد حان للحديث بصراحة ومن دون حساسيات لإبراز المشكلات الموجودة لدى المجتمع اليمني والتي اثرت على نمط حياة الناس؛ ومن خلالها نحث جميع الاطراف على اتخاذ موقف واضح لمعالجتها وضرورة تطوير مشروع مستقبلي مدني ديمقراطي من القوى كافة في المجتمع، للوصول إلى الاستقرار والازدهار المستدامين.

عندما سالت العديد من الناس هل تتوقع ان يكون هناك مجال لاي تيار واي طرف م̷ـــِْن الاطراف اليمنية بالتعددية السياسية والدينية والمجتمعية في إطار المواطنة المتساوية الحاضنة للتنوع. واستمعت إلى إجابات معضمها كانت شفافه وصريحة وكان الاغلب منوعاً وغير مقتصر فقط على اعضاء الحزب.

بعضه التقى معي في موضوع المواطنة المتساوية، وبعض آخر، خاصة من خارج الحزب، رفض فكرة مقترح عقداً اجتماعياً مدنياً، وقال إن الدين وحده من يحدد مكانة من يعيش على هذه الأرض ومن يموت .

خلاصة الموضوع كان النقاش حضارياً في راقيا، وحادا في بعض الأحيان، لكنه اثبت وجود فجوة الثقة بين العديد من القوى السياسية والتوجهات الدينية التي تحاول كل منها إنكار الآخر أو إلغاءه.
لم نسمع حتى الآن حديث وطني معمق بشأن نظرة هذه القوى لبعضها بعضا، ونظرة كل منها لشكل اليمن المستقبلي. وما يزالوا في مرحلة التشدد والتمسك ؛ كل واحد يريد إقصاء الآخر أو إنكاره واقصاء البعض اواعفاء او التنازل عن الحقوق والواجبات للبعض. وما دامت حالة التزمت والإنكار هي المهيمنة على طريقة تفكير القوى السائدة في اليمن والقوى الدينية السياسية، فلن نتمكن من التأسيس لمستقبل يمني يتسع لأبنائه وبناته كافة.


الحل نحتاج إلى عقد اجتماعي جديد ، يطمئن جميع القوى إلى مكانها في المجتمع، ويضمن عدم سيطره فئة على فئة، وعدم تميز مواطن عن آخر تحت غطاء الدين أو أي غطاء آخر، حيث لا تكون مواطنة الفرد الكاملة منة من أحد، بل حق يمنحه الدستور للجميع، ويكون نمط الحياة لأي مواطن خيارا يمارسه بحرية من دون إكراه؛ لا من الدولة ولا من أي فئة أخرى. ويحمي هذا العقد ويشرف على تطبيقه جهات رسمية مستقله ومحايدة موحّده تحمي المجتمع من الانزلاق نحو أي حالة صراع.

ايضا اليوم ينقصنا الاستعداد للجلوس إلى طاولة واحدة والاستماع للآخر؛ وأنا اقول ذلك للجهتين، وبغض النظر عن مدى ثقة كل جانب بالجانب الآخر. والثقة تبنى بالإصغاء، ثم بالاتفاق على القواسم المشتركة، ثم بالاتفاق على الاختلاف في المواضيع المتعذر التوافق حولها، ثم بالتطبيق في إطار عقد اجتماعي يحترم هذه الاختلافات ويعطي للجميع مكانة. ولا يتأتى ذلك إلا في إطار المواطنة المتساوية الحاضنة للتنوع؛ هي وحدها تشكل الإطار الكلي إن كنا نريد بناء إطار مدني ديمقراطي.

الإقصاء اليوم يمارس من الجانبين؛ فبعض الآراء المتشددة في تفسيرها للدين تنكر على الاخرين حقوقا متساوية، تقابلها آراء متشددة من بعض التيارات الاخرى لا تثق بالقوى الدينية، وتحاول تحجيمها بالأساليب القمعية. وقد حان الوقت لمغادرة هذه الدائرة المغلقة. 

فجوة الثقة سبب كاف وحده لبلورة عقد جديد يحميه الدستور والقانون فوق الجميع . أما التشدد، فلن يلغي الآخر، وسيؤدي في النهاية إلى صدامات مجتمعية متواصله بلا نهاية وغير محمودة العواقب وهذا مانلحضه وما مر علينا وجربناه وعلينا ان نقول كفى . اليمن تستطيع الوصول لمثل هذا العقد عندما تدرك القوى كافة فيها ضرورة خروج الجميع من خنادقهم . نستطيع أن نفعل ذلك أيضاً، خاصة ونحن نملك مظلة وعادات وقيم واخلاق شكلت دوماً الضمانة الأهم لفئات المجتمع كافة. فلنخرج من دائرة الصراع هذه، ونمشي قدماً لأجل وطننا اليمن جميعنا يريد له الخير والتقدم والازدهار.

د.نضال العزب